عقدت العزم على خوض تجربة سفر فريدة . لن تكون في بلد ذا بنية سياحية عريقة ، بلدٍ يتبجح سكانه بمتاحفه التي تنتصب فيها قصور ملوكه وقياصرته المحنطين . ولن تكون على ضفاف شواطئ تستلقي حبات رمالها جذابة ساكنة ومسترخية ، إنما وجهتي هذه المرة هي صوب قلوبٍ تشغل حيّزي . قلوب ساهمت في صنع ما أنا عليه ؛ فتواطأت على استدرار دموع الإحباط والخوف والعتاب ، بل الضحك حتى ! قلوب تنبض بالامتنان تارة ؛ فيملؤني التفاؤل والفخر . وتنشج البؤس واللوم تارة ، فأنتكس حيرة وحزناً . قلوب تفيض بالكراهية والوعيد ، فأنقلب متسائلاً ومحققاً ! أتشبِهُ زيارة عمل تفقدية يختلس أثناءها الموظف ساعات من العبث ؟ ربما .. ! أستروني سائحاً فضولياً لا يكف عن طرح الأسئلة غير الضرورية ، ولا عن إطلاق شهقات الكاميرا المستريحة بين كفيه ؟ لا مانع !
تستلزم مني هذه الرحلة أن أعيش ابتداء ككاهن "تبت" يتربع على أحد جبال الهيمالايا ، ومستغرقٌ في تأمل يخلّصه من جسده ، كي يحلّق بأرجاء المعمورة . لكن رحلتي هذه ستكون مختلفة .فسأحل ضيفاً على دواخل من أعرفهم ؛ قلوبهم . سأجوب عوالمهم العاطفية التي تسيّرني . وسأتحقق مما تحمله قلوبهم لي من بضائع ، وما وعدتني به من هدايا . سأتفقد مقدار ما اختلسته من تلك القلوب .. سأقر بما أحدثه ثقل خطاي عليها يوماً ، وما جنته تهوّر قراراتي !
تستلزم مني هذه الرحلة أن أعيش ابتداء ككاهن "تبت" يتربع على أحد جبال الهيمالايا ، ومستغرقٌ في تأمل يخلّصه من جسده ، كي يحلّق بأرجاء المعمورة . لكن رحلتي هذه ستكون مختلفة .فسأحل ضيفاً على دواخل من أعرفهم ؛ قلوبهم . سأجوب عوالمهم العاطفية التي تسيّرني . وسأتحقق مما تحمله قلوبهم لي من بضائع ، وما وعدتني به من هدايا . سأتفقد مقدار ما اختلسته من تلك القلوب .. سأقر بما أحدثه ثقل خطاي عليها يوماً ، وما جنته تهوّر قراراتي !
في أي رحلة سياحية تتألف من زيارة لأكثر من بلد ، نبدأ عادة بالدول التي تشتهر بالاستقبال الفرح للسياح ؛ وذلك لأجل أن نجني انطباعاً يشجع على استكمال رحلتنا إلى باقي الدول . لذا ، آثرت أن استعين على إنجاح رحلتي بزيارة مطوّلة لقلب " الأم " . حلّقت عالياً متأملاً هذا القلب ، كان قلباً أبيض .. شاسع .. منبسط .. مصقولٌ .. لا نتوءات أو تضاريس ؛ يخيّل إلي أن الطريقة المناسبة لأن تتنقّل فيه ، هو أن ترتمي على بطنك ، وتدع مرونة سطحه تحملك - متزحلقاً - إلى ما تريد . عندما هبطت ، كانت - لحماستي - تلك طريقة تنقّل البشر هناك بالفعل ، بشر ؟ لم تكن هذه الرحلة الروحيّة لتفصح عن ماهيّة سكان ذلك القلب ، كل ما أعرفه هو أن لهم تكوينٌ يشبهني كثيراً . لم أتفاجأ بحجم الترحاب الذي لقيته وسط ذلك القلب ، وإنما تفاجأت بالدموع التي تملأ نصف محاجر السكان هناك ، على الرغم من الابتسامة التي حفرت طريقها بأناقة من الأذن للأذن . كان هذا المزيج من الحزن المرتسم على النصف العلوي،والسعادة التي تنضح في النصف السفلي ، يضفي علي مشاعر ذات معنى واحد فقط : تأنيب الضمير .
أن تتطلّع إلى وجوهٍ تشعرك بأنك مذنب من أعلى رأسك إلى أخمص قدميك ، لهو أمرٌ عسير ! تحاول بيأس أن تختلق مبررات وأسباب ، لكنها تموت قبل أن تجد طريقاً خارج عتبة حنجرتك .. تلك الطاقة التي تجمع مابين العتاب الحزين والترحيب السعيد ، والتي تومض من تلك القسمات ، لا قبل لطاقتي "التبريرية" بها . كما أصبح واضحاً ، فإن ترجمة تلك الدموع ، هي الحزن والعتاب على ما اقترفته أنا بحق هذا القلب من طول الهجر ، وأن الابتسامة هي ابتهاج بزيارة غير متوقعة !
تجوّلت في ذلك القلب كملك غير متوّج ؛ فهم يحفّوني من كل الجهات ؛ وكأن هناك خطراً محدقاً بي . سألت أحدهم إن كان ذلك ضرورياً في مثل هذا المكان الآمن ، فأجابني بالنفي ، بل بشّرني بأن كل واحد هنا قد جُبلَ على محبتي ، وعلى أن يفديني بكل ما يملك ، فقط هم يريدون منّي أن أبقى قريباً على الدوام ، لأن الهجر يسبب لهم ألماً وجدباً يودي بهذا القلب ومن فيه ؛ فحياتهم من حياتي ، ونجاتهم بقربي ! لكن هذه الحماية هي لأجل ما قد يصدف من اعتداءات خارجية عليّ .. لذا ، فهم حريصون على أن أبقى آمناً مطمئناً سعيداً ، وبأي ثمن .
أن تتطلّع إلى وجوهٍ تشعرك بأنك مذنب من أعلى رأسك إلى أخمص قدميك ، لهو أمرٌ عسير ! تحاول بيأس أن تختلق مبررات وأسباب ، لكنها تموت قبل أن تجد طريقاً خارج عتبة حنجرتك .. تلك الطاقة التي تجمع مابين العتاب الحزين والترحيب السعيد ، والتي تومض من تلك القسمات ، لا قبل لطاقتي "التبريرية" بها . كما أصبح واضحاً ، فإن ترجمة تلك الدموع ، هي الحزن والعتاب على ما اقترفته أنا بحق هذا القلب من طول الهجر ، وأن الابتسامة هي ابتهاج بزيارة غير متوقعة !
تجوّلت في ذلك القلب كملك غير متوّج ؛ فهم يحفّوني من كل الجهات ؛ وكأن هناك خطراً محدقاً بي . سألت أحدهم إن كان ذلك ضرورياً في مثل هذا المكان الآمن ، فأجابني بالنفي ، بل بشّرني بأن كل واحد هنا قد جُبلَ على محبتي ، وعلى أن يفديني بكل ما يملك ، فقط هم يريدون منّي أن أبقى قريباً على الدوام ، لأن الهجر يسبب لهم ألماً وجدباً يودي بهذا القلب ومن فيه ؛ فحياتهم من حياتي ، ونجاتهم بقربي ! لكن هذه الحماية هي لأجل ما قد يصدف من اعتداءات خارجية عليّ .. لذا ، فهم حريصون على أن أبقى آمناً مطمئناً سعيداً ، وبأي ثمن .
اضطررت أن أكمل رحلتي للقلبين المتبقيين في اللائحة ، فودعتني أنهار من الدموع ، وكأنهم يقبرون ميتاً ! وعدتهم صادقاً بزيارات قريبة ومتكررة . فإني الآن - بعد أن عشت جمال هذا القلب -لا أملك أي عذرٍ للهجر ، فأنا هناك مكفولٌ محبوبٌ ومحمي ! أي دولة توفّر هذا النعيم للزوار ؟ لكن يجب علي أن أغادر كي أكمل مهمتي الاستكشافية .
بما أني افتتحت برنامجي بزيارة قلبٍ ليّنٍ عطوف ، فينبغي أن استغل طاقتي في بداية الرحلة لأبدأ مغامرة خطيرة ، وهي زيارة قلب " العدو " . ما الغرض منها ؟ هل هو انتقام ما ؟ أم تشفّي ؟ أم مفاوضات سلام ؟ أم مصالحة ؟ لا أدري حقيقة ! أنا هنا مكتشف فحسب .. وفي هذا القلب الذي أتوقع منه ردة فعلٍ معينة ، أنا مغامر .لم اهبط إليه بالطريقة المعتادة ، ولم أتوجه لبوابته الرئيسية ، فالسذاجة لا مكان لها الآن ، بل دلفت القلب المحمرّ خلسة ، ومن مدخل مهجور . شعورٌ كريه أن تمشي على أرض حمراء لزجة تشعر أنها تشتمك .. تبصق عليك . أرض مغتاظة منك .. وتتحيّن الفرصة كي تنشق وتبتلعك .. لا بأس .. إنه ليس وطني ، إنما هو قلب معادي ! والأفضل أن أتصرف بعفوية لعلي أجد عاقلاً أستطيع الحوار معه لأتعّرف على هذا القلب ، وأبحث معه سبل تذليل الحواجز التي بيننا . هل هذا أحدهم ؟ لا أظن .. فالشرر يتطاير من عينيه ، وهناك حروف تحوم حول رأسه تحمل عبارات الشر لي ! ليس حول رأسه فقط .. إنها تتبخر من الأرض أيضاً .. ومطرزة باسمي ! ليس هذا فحسب .. هناك دموع لعجبي ! دموع غيظ .. وقهر .. وكثيرٍ من لومٍ وشكوى ! ..
- مستغرب ؟ التفتُّ لأجده خلفي ، وقد أولاني ظهره بعد أن ألقى السؤال ..
= جداً .. كيف يعيش قلبٌ بمثل هذا الحقد ؟
- كما تعيش .
= ماذا تعني ؟
- إنك مثله تماماً .
= أنا ابتسم .. وأضحك .. ومشغول بمهامٍ أخرى .. بينما هذا القلب لا يحمل إلا الشر لي ..و
- هذا ما تراه أنت ، لم توجّهت لهذا القلب بالذات ؟ أليس لأنه يصنّفُ من ضمن قائمة أعدائك ..؟ لقد وجدتَ ما كنت تتوقعه : الشر .. وصاحب هذا القلب لو سُمح له بزيارة لقلبك .. فإنه سيجدُ ما وجدته أنت .
= أتمنى لو كان لديَّ وقتاً كي أبحث وإياك هذه الفلسفة .. لكني أتمنى أكثر ، أن أجد حلاً ..
- عد من حيث أتيت ، ثم توجّه بخطى ثابتة واثقة نحو بوابة القلب الرئيسية .
وهكذا ، أراني أسير متردداً ، نحو البوابة الرئيسية ، اقترب رويداً من صفٍ غاضب حانق وقف في انتظاري . لم أعبأ بردة الفعل السلبية هذه ، فقط اقتربت ..حتى بت أتعرّف على تلك القسمات ، وأشعر بها تنفث مشاعرها الحقيقة عالياً .. لم تكن لعجبي عدائية كما رأيتها من قبل ، بل لا يوجد عدائية تقريباً ! إنها سحابة محملة باللوم والقهر والعتاب .. ! تأملتها طويلاً .. واستشعرت كميّة الصدق فيها .. صدق تلك المشاعر أعني .. نعم .. هم غاضبون لسبب ما .. ليسوا شراً محضاً كما تصورتهم . ولوهلة ، انتابتني نفس المشاعر في قلبي تجاههم ، نعم .. لم أحمل في قلبي شراً كاملاً تجاه هذا القلب .. بل كان مجرّد غضب .. حالة استثنائية .. عقبة تعثرنا بها معاً ، وجرحنا بسببها معاً ، ثم " تلاومنا " . وهكذا ، حتى تصور كلٌ منا الآخر عدواً . ولذا أسميته قبل زيارتي : القلب " العدو " . ودّعته مستبشراً على أمل إيجاد حلٍّ يعيد هذا القلب لوضعه الطبيعي ، لن أحيله لقلب أمٍ مثلاً ! لكن أتمنى رؤيته قلباً أخضر مسالماً .. وهذا لن يتأتّى إلا بعد أن أعيد النظر في تصنيفي لهذا القلب ، بداية من تعديل مفردة " العدو " إلى " السلمي " .
- مستغرب ؟ التفتُّ لأجده خلفي ، وقد أولاني ظهره بعد أن ألقى السؤال ..
= جداً .. كيف يعيش قلبٌ بمثل هذا الحقد ؟
- كما تعيش .
= ماذا تعني ؟
- إنك مثله تماماً .
= أنا ابتسم .. وأضحك .. ومشغول بمهامٍ أخرى .. بينما هذا القلب لا يحمل إلا الشر لي ..و
- هذا ما تراه أنت ، لم توجّهت لهذا القلب بالذات ؟ أليس لأنه يصنّفُ من ضمن قائمة أعدائك ..؟ لقد وجدتَ ما كنت تتوقعه : الشر .. وصاحب هذا القلب لو سُمح له بزيارة لقلبك .. فإنه سيجدُ ما وجدته أنت .
= أتمنى لو كان لديَّ وقتاً كي أبحث وإياك هذه الفلسفة .. لكني أتمنى أكثر ، أن أجد حلاً ..
- عد من حيث أتيت ، ثم توجّه بخطى ثابتة واثقة نحو بوابة القلب الرئيسية .
وهكذا ، أراني أسير متردداً ، نحو البوابة الرئيسية ، اقترب رويداً من صفٍ غاضب حانق وقف في انتظاري . لم أعبأ بردة الفعل السلبية هذه ، فقط اقتربت ..حتى بت أتعرّف على تلك القسمات ، وأشعر بها تنفث مشاعرها الحقيقة عالياً .. لم تكن لعجبي عدائية كما رأيتها من قبل ، بل لا يوجد عدائية تقريباً ! إنها سحابة محملة باللوم والقهر والعتاب .. ! تأملتها طويلاً .. واستشعرت كميّة الصدق فيها .. صدق تلك المشاعر أعني .. نعم .. هم غاضبون لسبب ما .. ليسوا شراً محضاً كما تصورتهم . ولوهلة ، انتابتني نفس المشاعر في قلبي تجاههم ، نعم .. لم أحمل في قلبي شراً كاملاً تجاه هذا القلب .. بل كان مجرّد غضب .. حالة استثنائية .. عقبة تعثرنا بها معاً ، وجرحنا بسببها معاً ، ثم " تلاومنا " . وهكذا ، حتى تصور كلٌ منا الآخر عدواً . ولذا أسميته قبل زيارتي : القلب " العدو " . ودّعته مستبشراً على أمل إيجاد حلٍّ يعيد هذا القلب لوضعه الطبيعي ، لن أحيله لقلب أمٍ مثلاً ! لكن أتمنى رؤيته قلباً أخضر مسالماً .. وهذا لن يتأتّى إلا بعد أن أعيد النظر في تصنيفي لهذا القلب ، بداية من تعديل مفردة " العدو " إلى " السلمي " .
لن يخرجني من الأجواء المعكرة هذه إلا زيارة خاطفة لقلبٍ مألوف محبوب ، أظنها ستصبح أشبه برحلة استجمام بعد طول عناء ، يمتلك هذا القلب شيئاً من خصائص قلب الأم الحنون المضحّي - وإن لم يكن بنفس الجودة عادة . إلا أنه يختلف عنها بامتلاكه جانباً حازماً من العهود والمواثيق الملزمة ، بالإضافة إلى تميزه بالحميمية الخاصة جداً ، والتي لا تأخذ دورها إلا سراً تحت جنح الظلام ؛ بيني وبين هذا القلب فقط . قلب " الحبيب " هو آخر القلوب التي سأتعرف عليها في رحلتي الاستكشافية .
كانت الرسائل تتطاير في انتظار خطوتي "الميمونة" ؛ وهذا ما يميّز هذا القلب ، وهو اشتهاؤه لزيارتي إلى درجة أشعر معها أني أحد المخلّصين المقدَّسين ، وكذا الحال بالنسبة لي ، فأنا أهوي إليه ، وألبي نداؤه كحاجٍّ ضامر على بعد خطوات من المشاعر المقدسة .. ! تلك كانت الصورة المنتظَرة قبل ولوج البوابة ، ماذا بعدها ؟ مُتعٌ فقط .. فقط .. ! كان تناولنا للطعام متعة .. كان الحديث متعة ..التحقيق معي "أين كنت" متعة أيضاً .. كانت المشاكل ممتعة ، والغيرة ممتعة .. هناك دموعٌ أيضاً .. هناك غضب .. هناك تعصّب .. هناك تهديد وابتزاز حتى .. لكن كل هذا " متعة " لا تضاهيها متعة .
كانت أسطري السابقة ستؤول للتناقض قبل رحلتي هذه ، فقد كنت أحمل قائمة أسميتها " أمراض الحب " ، ورتبتها بحسب خطورتها كالتالي : الغيرة - افتقاد لغة حوار - الاختلافات الحادة في وجهات النظر . ابتدأت بالغيرة لأني كنت أراها مرضاً عضالاً يقيّد الشريك ، ويسلبه أعز ما يملك ؛ وهي حريته ، فإن غابت الحرية ، فسينتج لنا نفاقاً أو ثورة ، وكلاهما هو فضٌّ للعلاقة . ثم عرّجت على لغة الحوار، لأني أراها أساس العلاقة ، وهي الجسر الذي سيقود مسيرتنا لنهاية واضحة ، فإن سقط ، سنضطر للوقوف .. ومن ثم التقهقر لأننا لن نقف للأبد ! ثم ختمتها بالاختلافات الحادة وتأثيرها ، وأنها أشبه بالاصطدامات ، التي تنتج جروحاً وفتناً تنهش في العلاقة تدريجياً إلى أن تقتلها . فكيف تصبح كل هذه الأمراض متعاً ؟
بعد عودتي من زيارتي الأخيرة ، صرت أضحك طويلاً كلما تصفحت دفتر ملاحظاتي وقرأت من قائمة " أمراض الحب " ؛ لأني أضحيت ممن رأى لا ممن سمع ؛ رأيت الحب حقيقة في ذلك القلب ، جلست معه ، وعشت مع طاقته الروحية الخارقة .. اختبرتها .. طاقة هائلة تنسف كل طاقة روحية أخرى .. طاقة هدفها واحد : المتعة . تصارعَ الكثير مع هذه الطاقة في معركة خاسرة ، سقطوا .. ليس صرعى ، وإنما عبيداً .. وليسوا عبيداً مبغضين لسادتهم ويتحينون العتق ، وإنما عبيد يرجون مزيد عبودية . إنها سحرٌ يربط بين العشاق .. ويصيّرهم ملائكة تتعبد بلا كلل ..! هذه الطاقة الحقيقة للحب إن وجدت ، فاعلم أن كل ما يعرض في طريقها بعد ذلك هو متشرب بهذه الطاقة الممتعة . إن تجوّلت في قلب الحبيب ، وعلمت أي تضحية قد يقدمها لك ، إن رأيت استعداده لإخضاع كل ما يعز عليه تحت حُكمِ الحب ، ستعلم حينها أي معجزة هي بين يديك . هذه المعجزة هي الإكسير الذي يُضَخ في عروق العلاقة ، حتى تغدو منيعة خالدة .
يقال إن السفر سمي سفراً لأنه يسفر عن أخلاق المسافرين ، ويهتك ستر المجاملة والمثالية المحمية بدفء المنزل .. أم السفر هنا فقد أسفر لي عن قلوب أهتم لها .. قلوبٌ أوشكت على الهلاك بأسباب جهلي وعدم مبالاتي . قلوبٌ رسمتها بأبشع منظر ، وشوهتها بسوء ظني . قلوبٌ أشقيتها مسبقاً بنصب العقبات والحواجز ، وحقنتها بأنواع الأمراض .
كانت الرسائل تتطاير في انتظار خطوتي "الميمونة" ؛ وهذا ما يميّز هذا القلب ، وهو اشتهاؤه لزيارتي إلى درجة أشعر معها أني أحد المخلّصين المقدَّسين ، وكذا الحال بالنسبة لي ، فأنا أهوي إليه ، وألبي نداؤه كحاجٍّ ضامر على بعد خطوات من المشاعر المقدسة .. ! تلك كانت الصورة المنتظَرة قبل ولوج البوابة ، ماذا بعدها ؟ مُتعٌ فقط .. فقط .. ! كان تناولنا للطعام متعة .. كان الحديث متعة ..التحقيق معي "أين كنت" متعة أيضاً .. كانت المشاكل ممتعة ، والغيرة ممتعة .. هناك دموعٌ أيضاً .. هناك غضب .. هناك تعصّب .. هناك تهديد وابتزاز حتى .. لكن كل هذا " متعة " لا تضاهيها متعة .
كانت أسطري السابقة ستؤول للتناقض قبل رحلتي هذه ، فقد كنت أحمل قائمة أسميتها " أمراض الحب " ، ورتبتها بحسب خطورتها كالتالي : الغيرة - افتقاد لغة حوار - الاختلافات الحادة في وجهات النظر . ابتدأت بالغيرة لأني كنت أراها مرضاً عضالاً يقيّد الشريك ، ويسلبه أعز ما يملك ؛ وهي حريته ، فإن غابت الحرية ، فسينتج لنا نفاقاً أو ثورة ، وكلاهما هو فضٌّ للعلاقة . ثم عرّجت على لغة الحوار، لأني أراها أساس العلاقة ، وهي الجسر الذي سيقود مسيرتنا لنهاية واضحة ، فإن سقط ، سنضطر للوقوف .. ومن ثم التقهقر لأننا لن نقف للأبد ! ثم ختمتها بالاختلافات الحادة وتأثيرها ، وأنها أشبه بالاصطدامات ، التي تنتج جروحاً وفتناً تنهش في العلاقة تدريجياً إلى أن تقتلها . فكيف تصبح كل هذه الأمراض متعاً ؟
بعد عودتي من زيارتي الأخيرة ، صرت أضحك طويلاً كلما تصفحت دفتر ملاحظاتي وقرأت من قائمة " أمراض الحب " ؛ لأني أضحيت ممن رأى لا ممن سمع ؛ رأيت الحب حقيقة في ذلك القلب ، جلست معه ، وعشت مع طاقته الروحية الخارقة .. اختبرتها .. طاقة هائلة تنسف كل طاقة روحية أخرى .. طاقة هدفها واحد : المتعة . تصارعَ الكثير مع هذه الطاقة في معركة خاسرة ، سقطوا .. ليس صرعى ، وإنما عبيداً .. وليسوا عبيداً مبغضين لسادتهم ويتحينون العتق ، وإنما عبيد يرجون مزيد عبودية . إنها سحرٌ يربط بين العشاق .. ويصيّرهم ملائكة تتعبد بلا كلل ..! هذه الطاقة الحقيقة للحب إن وجدت ، فاعلم أن كل ما يعرض في طريقها بعد ذلك هو متشرب بهذه الطاقة الممتعة . إن تجوّلت في قلب الحبيب ، وعلمت أي تضحية قد يقدمها لك ، إن رأيت استعداده لإخضاع كل ما يعز عليه تحت حُكمِ الحب ، ستعلم حينها أي معجزة هي بين يديك . هذه المعجزة هي الإكسير الذي يُضَخ في عروق العلاقة ، حتى تغدو منيعة خالدة .
يقال إن السفر سمي سفراً لأنه يسفر عن أخلاق المسافرين ، ويهتك ستر المجاملة والمثالية المحمية بدفء المنزل .. أم السفر هنا فقد أسفر لي عن قلوب أهتم لها .. قلوبٌ أوشكت على الهلاك بأسباب جهلي وعدم مبالاتي . قلوبٌ رسمتها بأبشع منظر ، وشوهتها بسوء ظني . قلوبٌ أشقيتها مسبقاً بنصب العقبات والحواجز ، وحقنتها بأنواع الأمراض .
8 التعليقات:
رائع جدا
شكرا جزيلا
ممتاز جدا
تمنياتنا لكم بالمزيد من التقدم والازدهار
موفقين باذن الله
الموضوعات رائعه
والمدونه ممتازه
شكرا جزيلا
مكافحة البق بالرياض
مكافحة الفئران بالرياض
مكافحة النمل الابيض بالرياض
كشف تسربات المياه بالرياض
تسليك مجاري بالرياض
تنظيف بيارات
تنظيف فلل بالخرج
تنظيف شقق بالخرج
تنظيف المنازل بالرياض
نقل الاثاث
نقل اثاث بالرياض
نقل العفش بالرياض
تخزين اثاث بالرياض
تنظيف بالرياض
تنظيف شقق بالرياض
شركات تنظيف موكيت بالرياض
تنظيف خزانات بالرياض
تنظيف فلل بالرياض
تنظيف مجالس بالرياض
تنظيف موكيت بالرياض
تنظيف كنب بالرياض
تنظيف بيوت بالرياض
تنظيف منازل بالخرج
مكافحة حشرات بالرياض
رش مبيدات بالرياض
شركة تنظيف بالرياض
شركة تنظيف فلل بالرياض
شركة تنظيف شقق بالرياض
شركة تنظيف منازل بالرياض
شركة تنظيف خزانات بالرياض
شركة رش مبيدات بالرياض
شركة مكافحة حشرات بالرياض
شركة مكافحة النمل الابيض بالرياض
شركة نقل اثاث بالرياض
شركة نقل عفش بالرياض
شركة مكافحة حشرات بجازان
شركة تنظيف بالرياض
شركة تنظيف فلل بالرياض
شركة تنظيف شقق بالرياض
شركة تنظيف منازل بالرياض
شركة تنظيف خزانات بالرياض
شركة رش مبيدات بالرياض
شركة مكافحة حشرات بالرياض
شركة مكافحة النمل الابيض بالرياض
شركة نقل اثاث بالرياض
شركة نقل عفش بالرياض
شركة مكافحة حشرات بجازان
إرسال تعليق