حاولتُ أن أصلَ إليكم ، وأوضحَ ما التبسَ عليكم ، لكنكم تجاهلتموني ؛ غلقتم الأبواب والنوافذ في وجهي ، وجعلتم على مكاتبكم مدراءَ مكتب ، وللمدير مكتب مدير مكتب ، ثم اتخذتم لأنفسكم مستشارين يُجَدولونَ مواعيدي لتُصبحَ في نفس أوقات اجتماعاتكم .. حتى استُنفِدَت مني جميع الحيل ، ولم يتبقَ لي غير وسيلة وحيدة ..
تعرفتُ على أحدكم ؛ عضوٌ مبتدئٌ في مجال البوح يبدو ، وامتلك الحق في نثر سطوره بين أيديكم . هو مثلكم لا يختلف ، لديه مكتبه المغلق ، وبابه الموصَد .. لكن له ما يميزه ؛ فهو يستقبل الشكاوى أثناء نومه ! فعلاً بلا مزاح .. أستطيع الدنو من أحلامه ، وبثَ ما أريد ، ثم إذا استيقظَ هو ، يحول رسائلي إلى كلماتٍ تحتلُ متصفحاتكم ..
ألم تتعرفوا علي بعد ؟
أنا المظلومُ الذي اتهمَ بالظلم .. أنا الأمين الذي رُميَ بالخيانة .. أنا الوطني الذي ألبستموه ثوب العمالة .. أنا صاحب القضية الشريفة التي لاكتها ألسنتكم .. وتجاذبتها صفحاتكم دون تثبت .. أنا أبوها .. !
ما بالكم أيها الشعب ؟
عهدي بكم ذالك الشعب المؤدب الحبيب ، ذو الأخلاق الوطنية .. الذي لا يكاد يصدرُ عنه صوت سوا صريرُ القلم الجاف وهو يوقع ذلك المعروض الجميل اللطيف . .
يا سلام على الزمن الماضي .. زمن العزة والكرامة .. أين أين أيام الهناء .. يوم كنا نعيش حياتنا كمسئولين حقيقيين ؛ نمارس أدق التفاصيل المفيدة ، وبكامل حريتنا ، نأكل مما أنزله الله لنا من السماء ، فلا نقول : لا .. كيف نرفض .. وهي هبة من الرب ؟ نعوذ بالله من كفرِ النعم ..
كنتم في رغد من العيش أيضاً ، أنا متأكدٌ من هذا .. كنتم سعداء .. وهادئين ..
لكن الآن .. آه من عبثكم الآن آآآآه .
أصبحتم مترصدين وحشيين .. لا ترقبون في مسئول إلاً ولا ذمة .. تدعون أنكم تحاربون الفساد .. وكل الفساد في ما تفعلون ..
ألم تعلموا أنكم تقفون في وجه قضية دينية وطنية عليا ؟ لا أظنكم تفقهون ذلك ، فأنتم تتمركزون في مصاف دهماء الناس وعامتهم .. يحرككم فكرٌ جمعيٌ بقيادة مراهقو "الفيسبوك" و"التويتر" ..
لن أخوض في تفاصيل قضية ابنتي ، فالكل يعرفها – أعني القضية طبعاً .. لكن سأحيلكم لبعض المعاذير من وراء فعلتها ، سأشرح لكم بعض الأسباب والمبررات الخافية ، عسى أن تكون رادعةً لكم عن الخوض فيما يخصنا في المرة القادمة ..
يقول نبينا " ما رأيت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء " ، وابنتنا كما تعلمون من دار علم وتقوى ، ولن ترضَ بحالٍ أن تخالط رجالَ تلك الجامعة ، تنظرُ لـ "مايك " وينظر لها ..
أترضون هذا لأخواتكم ؟ لبناتكم ؟ لجداتكم ؟
فأنا كذلك لا أرضاه لابنتي ، وسأفعل ما يلزم كي أفصل الفاتن عن المفتون . فأحبوا لي ما تحبون لأنفسكم ..
" إنما الأعمال بالنيات " ، ونية ابنتي من طلب التصديق على شهادتها وطنية خالصة ، فهي تحلمُ بخدمة المجتمع عن طريق تولي إدارة إحدى جامعات البنات ، فتسهر على راحة الطالبات ، وتفتتح العديد من المشاريع التعليمية ، ثم لا بأس في نهاية اليوم أن أجلس وإياها بعد تناول العشاء ، لنقرأ ما تستحقه ابنتي من الثناء العظيم ، الذي تمتلئ به المنتديات الجامعية ..
ولا ننس أن مقولة " العرق دساس " صحيحةٌ جداً ، وسارية المفعول حتى الآن . فعائلتنا اشتُهرَ عنها منذ عشرات السنين ، تولي المناصب الوزارية الكبرى . فمن هذا الباب – باب العرق المدسوس في ابنتي أعني – هي جديرة بالمنصب الحلم ، وتستحق – لروح الإدارة في داخلها - أن تتوج كإحدى "طويلات" الأعمار .. ولن يقف في طريق نهضة بلادنا " ختيمٌ " أسود .
أيها الشباب والشابات :
ألم تسألوا أنفسكم ، لمَ هذا التوقيت المريب ؟
ألا يوجد في القرون الماضية ، والأجيال ، والسنوات ، والشهور ، والأسابيع ، والأيام ، مساحة كي تمارس فيها طهوريتك أيها الشقي المعزول ؟
" حبكت " الآن ، كي تفضح شئوننا الداخلية ، وتحتسب على رأسي ورأس ابنتي ..؟ ها قد نلت جزاءك ؛ جزاء كلُ مفسدٍ في هذا البلد . فماذا استفدت ؟
لسنا أغبياء بدرجة كافية ، وإننا نعلم أن ما راء الأكمة ما وراءها ، فأناشدكم أن تستيقظوا من نومكم ، وتتنبهوا لما يُدار في الخفاء ضد أمن بلادكم ، ومستقبل أخواتكم الطالبات .. فالموضوع واضحٌ أن خيوطه قد نُسجَت من غرفةٍ مظلمةٍ في تل أبيب ، وبإشرافٍ مباشرٍ من البيت الأبيض ، وهدفه ضرب الاستقرار ، عن طريق الهجوم على صمام الأمن لهذه البلاد : ابنتي وشهادتها ، وختمها ..
يتذرعون بمبدأ إقامة العدل ، ويحشون كلامهم بالمقدس من القول كقوله : " لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت ، لقطعت يدها " ، وتلك " طعطعة " نميز نبرتها .. وندركُ أهدافها ..
لا أخفيكم أن غبار القضية قد تلاشى تقريباً ، لكنهم ما زالوا يخططون لإعادة بثها من جديد ، وتصعيدها على أعلى مستوى ، للمطالبة بالقصاص من ابنتي ومن المسئولين عنها . وإني بهذه المناسبة ، أحذركم من فتنة عظيمة لا مكان فيها لـ" ابن لبون " واحد ، بل الجميع ضروعاً تُحلَب ، وظهوراً تُركَب . .
أحذركم من مخططات تنظيم القاعدة ..
ستثأر القبائل من بعضها البعض.
و " مفيش" بترول ..
وستأكلون حبوب هلوسة أيضاَ .
لا .. لا .. أنا كلي ثقة في شبابنا ، الشباب الذكي ، الوطني الجميل .. أحييكم أيها الشباب من هذا المكان بجانب رأس هذا العضو الذي أوشك على الاستيقاظ ، وأتمنى أن تمارسوا عاداتكم في إنشاء الحملات الشعبية المفيدة .. فإن لكم باعاً في هذا ، لتكن حملةً لبلادكم هذه المرة .. أيها الشباب : يا روح الأمة .. الوطن يناديكم .. الأمن يرجوكم .. الاستقرار يتوسل إليكم .. مستقبل تعليمنا يستجير بكم .. لتنشئوا حملة مضادة لحملتهم ، شعارها :
"خلوها" تختم
0 التعليقات:
إرسال تعليق