جلس بالقرب منها ، ثم ألقى بهذه الكلمات :
" أحب الجلوس بقربك ، أحب الحديث معك ، يروق لي حالنا يوم أنفعل ، فأصرخ في وجهك ، متصنعاً الغضب من غياب منطقك . أحب تفاديك إياي حين أصرخ .. أحب هذه الحركة الأنيقة منك .. أحب أكثر يوم تعودي بعدها لي حين أهدأ ، فتقتربي بدلال يشعرني بتأنيب الضمير .. أتأسف منك بعدها .. فتسيل دمعاتك لتقتلني ، فأحبك أكثر .. وأكثر ..
لكنك ما تنفكي تعيدي الكرٌة .. تعلمين ما يغيظني منك .. تعلمين أني أكره هؤلاء الأوغاد من حولك .. الأوغاد المتشحون بالبياض .. أكرههم لأني أعلم سواد قلوبهم جيداً ولا تعلمين .. أرى نظراتهم الجائعة لك .. أجدهم أحياناً يحومون كالضباع حولك .. يريدون احتلال مكاني .. يريدون الاقتراب من أنفاسك .. كما أفعل الآن .. يريدون أن يستمتعوا بك كما أفعل .. هذا الكلب قصير القامة بالذات .. سأقتله يوماً .. كل شيء فيه بغيض .. رداؤه القصير يتدلى إلى ركبتيه بشكل مقزز .. حذاؤه الأبيض يبدو منتفخاً متضخماً يثير الاشمئزاز .. ! ابتعد يا كلب .. يا قبيح ..
ها أنت تتفاديني مرة أخرى ! لم أكن أصرخ في وجهك هذه المرة ، كان غضبي متفجراً تجاه من حولك .. وكانت رسالتي ألا تتمايلي أمامهم كما تفعلين معي .. ألا تبعثي الحنان والسكينة .. والدفء إلا معي .. أنت لي وحدي .. وأنا لم أقترب إلا منك .. ولم أبحث عن سواك .. ولن ترضي أن أجلس قرب غيرك .. أليس كذلك ؟ أرأيتي هو عهد ضربناه بيننا .. لنلتزم به قبل أن أضرب قفا هذا الكلب المستفز ..!
حسنٌ ، لأهدأ ، ولتسكني قليلاً .. دعيني أحدثك عن جمالك حين تسكنين .. عن راحتي معك .. هي أجمل اللحظات .. يوم أغمض عيناي ، وتنتظم أنفاسي .. وأقترب .. حتى أشعر بكمية كبيرة من الدفء والطمأنينة تحيط بي .. الأجمل أنها هي كل ما لديك .. وما يجعلني أرقص سعادة بها هو أنك قدمته لي .. لي أنا فقط .. ودون مقابل أو ضمانات ..
جميلٌ الإحساس يوم تعرف أن الشريك قد أعطى كل ما لديه .. سيءٌ عندما تشعر أنه يحرمك من شيء لأي سبب كان .. شريكٌ بخيلٌ هذا !
أنتِ معطاءة ، بذلتي ما تملكين .. وأتمنى أني أسعدتك كذلك ..
لكن كرمكُ زائد ، غير محسوب العواقب ؛ منذ حضورك ، وجاذبيتك تملأ المكان ، وتعمل عملها في عقولهم وقلوبهم السوداء .. عطرك فاح .. وأتعبني تخيل منظر أنوفهم وهي تستنشقه .. تخيل الرائحة وهي تضرب عالياً في عقولهم الفارغة .. تخيلت الخدر الذي سيبدو على عيونهم .. لا تلوميني .. فغيرتي بدأت بظلالك أصلاً ..
طلبت منك الانتقال بقربي .. التنعم بما لدينا من قواسم مشتركة ؛ أنت تبعثين الدفء والحنان ، وأنا أوفر الحماية والأمان .. اتفقنا ؟ ما أجمل رقصتك هذه حين تسعدي بما نتوصل إليه من حلول ..
يا للسماء ! يبدو أن آخرين أيضاً سعدوا بما رأيت منك الآن .. ألا حل جذري مع هؤلاء ! لا .. لا أستطيع أن أتمالك نفسي .. الأسنان الناخرة التي يظن أصحابها أنهم يبتسمون تثير غيظي .. أغلق فمك عليك اللعائن .. ! هي حبيبتي أنا .. لا أدل على ذلك من قربي منها .. ألا ترون ضآلتها ؟ ألا ترون سعادتها معي ؟ ألم تلاحظوا جزعها من قربكم منها الآن ؟ لقد خُلقت لي أنا .. لي أنا يا كلاب .. يا كلااااب "
فغرق المكان في ظلام دامس .